أثار إعلان شاب يدعى محمد حجازي (23 عامًا) رفع دعوى قضائية للمطالبة بتغيير خانة الديانة في بطاقته إلى المسيحية هو وزوجته، بعد أن ادعى محاميه أنه تنصر في سن السادسة عشر من عمره، مفاجأة مدوية للمقربين منه، والذين تباينت آراؤهم ما بين مستنكر ومن رأى فيه مجرد شاب متمرد يمر بتحولات نفسية وفكرية واقتصادية حادة كانت سببًا في اتخاذه القرار لمجرد الفرقعة.وقال أحد أصدقاء حجازي المقربين منه منذ أكثر من عامين ونصف إنه تلقى خبر إعلان تنصره بصدمة واستنكار بالغين، وذلك لكونه على دراية تامة بأفكاره ويعلم خلفيته الفكرية التي تتعارض مع توجهه نحو إعلانه اعتناق المسيحية.وأضاف أن حجازي هو طالب بمعهد الخدمة الاجتماعية ببورسعيد ينتمي لأسرة ميسورة الحال ويعمل والده موظفا بجمارك بورسعيد ويعرف عنه هدوؤه الشديد وإطلاعه الواسع لكنه في نفس الوقت يحمل أفكارًا متطرفة، كما يقول صديقه.
وأوضح أن بدايته السياسية والفكرية كانت ضمن تنظيم "الاشتراكيين الثوريين" حيث كان يعد من أنشط عناصر هذا التنظيم ويحرص على القدوم إلى القاهرة لحضور الندوات الثقافية المختلفة، وأشار إلى أنه مع ظهور حركة "كفاية" في أواخر عام 2004م انضم إليها وكان من أنشط عناصرها وأقربها إلى منسقها السابق جورج إسحق وأصبح منسقًا للحركة ببورسعيد.
وتابع صديق حجازي قائلاً: مع مرور الوقت، اقترب حجازي من أعضاء حزب "العمل" ذي المرجعية الإسلامية، الذين كانوا يشاركون في فعاليات حركة "كفاية"، وتمت دعوته لحضور عدد من الفعاليات الدينية والثقافية التي أقامها الحزب.وعلى إثر ذلك، أعلن حجازي رغبته في التحول من الفكر الماركسي إلى الفكر الإسلامي الذي يرتكز إليه حزب "العمل"، حيث كان معجبًا بشدة بآراء المفكر الإسلامي الراحل عادل حسين ومجدي حسين الأمين العام الحالي للحزب.في تلك الأثناء، كانت لدى حجازي مشكلة في إقناع قيادات تنظيم "الاشتراكيين الثوريين" بتوجهه الإسلامي الجديد إلا أنه تجاوزها، ومع انتهاء موسم انتخابات مجلس الشعب للعام 2005، عاد إلى بورسعيد لإتمام دراسته بمعهد الخدمة الاجتماعية هناك، وكان ذلك بداية التحول الحاد في حياته، كما يقول صديقه.وتمثلت في أزمة عاطفية واجهها، إذ كان هذا الشاب مرتبطًا عاطفيًا بفتاة من ناشطات "كفاية" ورغب في إتمام الزواج بها، إلا أنها رفضت خوفًا من المخاطر الأمنية التي قد تتهدده بسبب نشاطه السياسي.رد حجازي على ذلك الرفض بسرعة الزواج من إحدى زميلاته بالمعهد والتي كانت تطارده بمشاعرها العاطفية لكنه واجه رفض أسرته وأسرة الفتاة لصغر سنهما، لكنهما أصرا رغم ذلك على الزواج، وهو ما حصل بمساعدة قوية من قيادة نافذة بحركة "كفاية".لم يمر زواج حجازي من زينب بهدوء، فقد قام والده بطرده من المنزل وأخبره أنه غاضب عليه، خاصة بعد المشاكل التي أثارتها أسرة زوجته التي جاءت من المنيا وأطلق أفرادها النار لإرهاب أسرته. وبعد أيام من التهديدات والخلافات، تم الصلح بين محمد وأسرة زوجته، التي اتفق معها على أن تقيم ابنتها معه ببورسعيد لحين إتمام دراستهما، لكن ذلك كان بداية مشاكله الحقيقية، نظرًا لأنه كان بلا عمل يدر له دخلا يعول منه زوجته، خاصة بعد ما طرده والده له.واضطر إزاء ذلك إلى الانتقال بزوجته إلى القاهرة للإقامة والبحث عن فرصة عمل بمساعدة من القيادي بـ "كفاية" الذي شجعه على الزواج، لكن صدمته كانت كبيرة في هذا الأخير بعد أن تنصل له، ليظل لأيام بلا مأوى ولا عمل يقتات منه.وفي أحد الأيام وبينما كان جالسا مع زوجته على مقهى "الندوة الثقافية" بوسط البلد بالقاهرة بعد الندوة الأسبوعية للروائي علاء الأسواني، تعرف حجازي على شاب مسيحي يدعى بيتر أخبره أنه على استعداد لتقديم سكن مناسب له ولزوجته مراعاة لظروفهما بإيجار رخيص وبدون مقدم.كان هذا المسكن في منزل بمنطقة المطرية قال بيتر إنه لبعض أقاربه، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إنه قام بتوظيف حجازي في قناة فضائية شهيرة وأقرضه بعض النقود كي ينفق منها حتى يحصل على أول راتب له.لم تكن تلك خدمة شخصية كما زعم بيتر لمحمد، لكنها كانت بمثابة فخ كبير، بعد أن اكتشف حجازي أن المنزل الذي يقيم فيه ما هو إلا أحد فروع شبكة تنصير كاملة بعدة محافظات بمصر، حكى بنفسه تفاصيلها في أوراق كتبها بخط يده وموجودة في حوزة جريدة "المصريون".وبحسب رواية حجازي لصديقه قبل ثمانية أشهر، فإنه عندما اكتشف حقيقة ذلك البيت واجه أصحابه وأخبرهم أنه سوف يبلغ عنهم مباحث أمن الدولة، إلا أنهم ردوا عليه بأن لا أحد يمكنه فعل شيء لهم لأنهم يدفعون رشاوى لرجال أمن الدولة، وفق ما قال نقلاً عنهم.بعدها أدرك حجازي أنه لا مكان له داخل هذا المنزل، واتصل بصديقه لتدبير أمر السكن والحصول منه على بعض النقود، فما كان من هذا الأخير إلا أنه قام بعدما روى له قصة شبكة التنصير بالاتصال بالكاتب الإسلامي أبو إسلام أحمد عبد الله الذي استضاف حجازي وزوجته في بيته عدة أيام. كما اتصل هذا الصديق بأسامة الهتيمي وهو الأمين السابق لشباب حزب "العمل" والصحفي بجريدة "الشعب" الإلكترونية الذي بادر مرحبًا باستضافة حجازي في بيته وحاول البحث لهما عن مسكن قريب منه بحلوان حيث يسكن.في تلك الأثناء، حاول "أبو إسلام"، الإصلاح بين الشاب ووالديه، واتفق بالفعل مع والده على أن يسافر هو ومحمد إلى بورسعيد حتى يتم الصلح، لكن محمد اختفى مع زوجته عشية الموعد المتفق عليه، بعد ما أقنعته زوجته أن "أبو إسلام" كان يريد أن يجعلها خادمة لزوجته، وهو غير صحيح، لأنه حرص على مساعدتهما وتوفير مسكن وعمل مناسب لهما، كما ألحق حجازي بالعمل معه بمكتب قناة "الأمة" الفضائية التي يرأسها.
واختفى حجازي وزوجته تمامًا لعدة شهور، قبل أن يعاودا الظهور في مؤتمر القاهرة الخامس الذي عقد في أبريل الماضي، لكن بعد أن قامت زوجته بخلع الحجاب دون تفسير لأسباب ذلك، لكنها أخبرت صديق زوجها أنها حملت في طفل وتم إجهاضه.
وما لبث أن عاود الاختفاء طوال الشهور الماضية، وكان كلما اتصل به الصديق على هاتفه المحمول يفتح الخط دون أن يرد، واستمر الأمر على ذلك الحال حتى فوجئ صباح السبت بأخبار تنصيره في الصحف المصرية.وعلى الفور، حاول صديق حجازي مرات الاتصال به عدة مرات، لكنه كان في كل مرة يفتح الخط دون أن يرد، إلى أن أخذ يصيح فيه في إحدى المرات قائلا: "يا محمد... رد علي أنا عارف أنك سامعني"، عندها أجاب صارخًا في صديقه: "أنت بتكلمني كده ليه... أنا سامعك بس التليفون عطلان شويه".واستمرت المكالمة لدقائق قليلة استفسر خلالها الصديق من حجازي عن حقيقة الأمر، فأجابه بأن ما قرأه صحيح، وقال إن التوقيت الذي اتخذ فيه قرار التنصير كان منذ ثلاثة أو أربعة شهور.وقال إن تنصره جاء بعد اللقاء الذي تم بينهما وأعطاه فيه الأوراق التي كتبها بخط يده ويحكي فيها عن تفاصيل شبكة التنصير التي احتك بها في المنزل الذي أقام فيه بالمطرية، دون أن يحكي المزيد من التفاصيل. وعندما واجهه الصديق بما أعلنه المحامي القبطي ممدوح نخلة من أن حجازي تنصر منذ كان في السادسة عشرة من عمره، قال إن هذا الأمر غير صحيح وإن نخلة كذب في هذا الأمر، وإنه تنصر فقط تم منذ حوالي ثلاثة أو أربعة شهور.
يذكر أن الأوراق التي بحوزة جريدة "المصريون" المستقلة والمكتوبة بخط محمد حجازي يمجد فيها الدكتور أيمن الظواهري الرجل الثاني بتنظيم "القاعدة" ويناشد المسلمين أن يهبوا للدفاع عن دينهم ضد حملات التنصير الآثمة، حسب تعبيره