شروط و درجات صحة الحديث
1السلام عليكم
شروط صحة الحديث
-أتصال السند:- يقصد به أن يكون بين راوةالسند ترابط علمي بحيث يتلقى اللاحق عن السابق والمتحمل عن المؤدي فلا يكون بين اثنين من رواة الحديث فجوة زمنية أو مكانية يتعذر معها اللقاء أو يستحيل التلقي
2العدالة:-مَلَكَة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة ومجانبة الفسوق والابتداع. والراوي العدل هو من توفرت فيه الشروط التالية
1 - الإسلام : فلا تقبل رواية غير المسلم ولو كان كتابيا.
2 - البلوغ : فلا تقبل رواية الصبي.
3 - العقل : فلا تقبل رواية المجنون.
4 - عدم الفسق : والفسق هو ارتكاب الكبائر أو الإصرارعلى الصغائر.
5 - المروءة : وهي أن يتصرف الراوي بما يليق بأمثاله, فإذا كان عالمًا تصرف كما يليق بالعلماء ولا يتصرف كالباعة والمحدثون بهذا يركزون على الجانب الأخلاقي في الراوي الذي يتضمن صدقه وأمانته وبراءته من كل ما يتنافى مع مقام الرواية, سيما إذا كان المروي دينا وسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
3-ضبط الرواة تَثَبُّت كل منهم من الحفظ, والسلامة من الخطأ أو الوهم, والقدرة على استحضار ما حفظه, ويشترط هذا في جميع رواة الحديث من أول السند إلى آخره
أنواع الضبط
1 - ضبط صَدْر :هو أن يحفظ الراوي ما سمعه بحيث يتمكن من أدائه كما سمع متى شاء.
2 - ضبط كتاب :وهو صيانة الراوي لما كتب بعد تصحيحه وتحريره وتقريره, وصيانته كتابه عن أن تمتد إليه يد العبث أو التحريف منذ يكتبه إلى أن يؤديه كما كتبه وتلقاه.
4-لسلامة من الشذوذ:-هو عدم مخالفة الراوي لمن هو أوثق منه أو أرجح لأن الشذوذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه بأن يكون في رواية الثقة زيادة أو نقص ليس في رواية الأوثق بحيث لايمكن الجمع أو التوفيق بين ما اختلفا فيه ووجود هذه المخالفة يمنع من صحة الحديث والمتقدمون ومنهم الخطابي والبخاري ومسلم لايشترطون هذا الشرط حيث يقفون بتعريف الصحيح دون هذا وإلى ذلك مال ابن حجر.
5-السلامة من العلل:-هي سبب غامض يقدح في صحة الحديث فالحديث في ظاهره يكون مستجمعا لبقية شروط الصحة غير أنه يوجد سبب خفي لا يدركه إلا أكابر العلماء يمنع من الحكم عليه بالصحة, ومن ذلك أن يكون الحديث موقوفا فيروى مرفوعا أو العكس. أو يكون في الإسناد راو يروي عمن عاصره بلفظ (عن) موهما أنه سمعه بينما هو لم يسمع منه, ويشترط لصحة الحديث خلوه من العلل.
درجات الحديث
الصحيح-1
*صحيح لذاته:-
الصحيح لذاته لغة :الصحيح ضد السقيم (المريض).
واصطلاحا :هو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.
- أحكامه :
1 – صحة الحديث توجب القطع به إذا كان في الصحيحين, كما اختاره ابن الصلاح وجزم بصحته.
2 –يجب العمل بكل ما صح ولو لم يخرجه الشيخان, كذا قال ابن حجر في شرح النخبة.
3 – يلزم قبول الصحيح وإن لم يعمل به أحد, كذا قال القاسمي في قواعد التحديث.
4 – لا يتوقف العمل بعد وصول الحديث الصحيح على معرفة عدم الناسخ أو عدم الإجماع على خلافة أو عدم المعارض, بل ينبغي العمل به إلى أن يظهر شيء من الموانع فينظر في ذلك.
5 – لا يضر صحة الحديث تفرد الصحابي به, وهذا مستفاد من كلام ابن القيم في (إغاثةاللهفان).
6 – ما كل حديث صحيح تُحَدَّثُ به العامة, والدليل على ذلك ما رواه الشيخان عن معاذ وفيه (ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا حرمه الله على النار) فقال معاذ : يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا, قال – صلى الله عليه وسلم - : (إذًا يتَّكلوا) فأخبرهم معاذ عند موته تأثمًا.
- مراتب الصحيح باعتبار مصنفات المشاهير مراتب سبع وهي :
1 – ما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم (متفق عليه).
2 – ما تفرد به البخاري.
3 – ما تفرد به مسلم.
4 – ما كان على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه في الصحيح قال الإمام النووي : (والمراد بقولهم : على شرطهما أن يكون رجال إسناده في كتابيهما – أي في صحيح البخاري وصحيح مسلم – لأنه ليس لهما شرط في كتابيهما ولا في غيرهما).
5 – ما كان على شرط البخاري ولم يروه في صحيحه.
6 – ما كان على شرط مسلم ولم يروه في صحيحه.
7 – ما صححه غيرهما من العلماء وليس على شرط واحد منهما.
صحيح لغيره*
صحيح لغيرة إذا روي من طريق آخر فصاعدا فقد تضافرت له القوة من جهتين
الأولى : روايته بواسطة الرواة المشهورين بالصدق والستر وإن خف ضبطهم, أو لم يصلوا إلى درجة أهل الحفظ والإتقان من رواة الصحيح
الثانية : روايته من طريق آخر حيث يكتسب بهذا الطريق قوة يستعيض به ما فاته من تمام الضبط, ويرتقي به من مستوى الحسن إلى مستوى الصحيح إلا أنه ليس لذاته, وإنما يكون لغيره.
2-حسن
حسن لذاته*
صفة مشبهة من الحُسن بمعنى الجمال.
واصطلاحا :ما اتصل سنده بنقل عدْل خفيف الضبط من غير شذوذ ولا علة . فالراوي في كلا النوعين من الحديث (الصحيح والحسن) عدْل لكن ضبطه في الحسن أقل من ضبطه في الصحيح وليس تامًا مثله. سمي بهذا الاسم لأن حسنه من داخله لا لشيء خارجي عنه, وإذا أطلق لفظ الحسن فإنه ينصرف إلى الحسن لذاته.
*حسن لغيره
إذا كان الحديث في ذاته ضعيفا وكان ضعفه بحيث يقبل أن يرتفع به طريق آخر إلى مستوى الحسن فإن حسنه لا يكون لذاته وإنما يكون لغيره الضعيف الذي يقبل الجبر فيصبح حسنا لغيره
أ - ضعيف بسبب كون راويه مستورا غير مغفل كثير الخطأ
ب - ضعيف بسبب كون راويه سييء الحفظ أو يخطئ أو يختلط عليه الأمر مع الصدق والأمانة
ج - ضعيف بسبب عدم اتصال السند, حيث يكون منقطعا أو مرسلا
د - ضعيف بسبب وجود مدلس روى بالعنعنة مع كونه ليس فيه من يتهم بالكذب وهذه الأنواع الأربعة تقبل الجبر وترتفع إلى مستوى الحسن بشرطين
1 - عدم الشذوذ في الحديث
2 - وروده من طريق آخر أو أكثر من طريق - مثال ذلك : ما رواه الترمذي وحسّنه من طريق شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن عبدالله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟) قالت : نعم. فأجاز قال الترمذي : وفي الباب عن عمرو وأبي هريرة وعائشة وأبي حدرد. فعاصم ضعيف لسوء حفظه وقد حسَّن له الترمذي هذا الحديث لمجيئه من غير وجه.
- حكمه :على أنما يذكر بشأن الحديث الحسن لا يقعد به عن مستوى الاحتجاج والعمل, وذلك أن أساس القبول للحديث والاحتجاج به إنما هو ترجح صدقه على كذبه وذلك أمر متحقق في الحسن بنوعيه
- تعريف الترمذي للحسن :يعدّ أبو عيسى الترمذي أول من عُرف أنه قسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف - كما قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى- لكن تعريفه للحسن إنما يراد به الحسن لغيره, فقد عرفه في كتاب العلل من جامعه فقال : (كل حديث يروي لا يكون في إسناده من يُتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروي من غير وجه نحو ذاك فهو عندنا حديث حسن).
3-الضعيف
ضد القوي, والضعف حسي ومعنوي, والمراد هنا الضعف المعنوي
واصطلاحا :عرّفه ابن الصلاح بأنه : (كل حديث لم يجتمع فيهصفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن).
ينقسم الضعيف باعتبار فقد شروط القبول إلى أقسام شتى ويمكن إجمالها فيما يلي :
أ - فقد اتصال السند ينشأ عنه خمسة أقسام : 1-المعلق 2-المنقطع 3-المعضل 4-المرسل 5-المدلس
ب - فقد العدالة ينشأ عنه أقسام عديدة : 1-الموضوع 2-المتروك 3-المنكر 4-المطروح 5-المضعف 6-المبهم
ج - فقد الضبط ينشأ عنه ما يلي : 1-المدرج 2-المقلوب 3-المضطرب 4-المصحف والمحرف
د - فقد السلامة من الشذوذ ينشأ عنه نوع واحد هو الشاذ
ه - فقد السلامة من العلة ينشأ عنه نوع واحد هو المعلل
- حكم روايته والعمل به :
أما الأحاديث الضعيفة التي لم يثبت كذبها ولم يتحقق قال ابن تيمية في مجموع الفتاوي : (فما عُلم أنه باطل موضوع لم يجز الالتفات إليه فإن الكذب لايفيد شيئًا, وإذا ثبت أنه صحيح أثبتت به الأحكام, وإذا احتمل الأمرين روي لإمكان صدقهولعدم المضرة في كذبه, وأحمد إنما قال : إذا قال : إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد, ومعناه : أنّا نروي في ذلك بالأسانيد وإذا لم يكن محدثوها من الثقات الذين يحتج بهم, وكذلك قول من قال : يُعمل بها في فضائل الأعمال, إنماالعمل بها العمل بما فيها من الأعمال الصالحة مثل التلاوة والذكر).
وقال كذلك : (فإذا تضمنت أحاديث الفضائل تقديرا وتحديدا مثل صلاة في وقت معين بقراءة معينة أو على صفة معينة لم يجز ذلك, لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي).
ثم ختم كلامه قائلا : (فالحاصل أن هذا الباب يروي ويعمل به في الترغيب والترهيب لا في الاستحباب, ثم اعتقاد موجبه وهو مقادير الثواب والعقاب يتوقف على الدليل الشرعي).
ونخلص من كلام ابن تيمية السابق بشروط يجب توافرها عند رواية الحديث الضعيف الذي لم يثبت كذبه ولم يُتحقق من صدقه, وتلك الشروط هي :
1 - أن يندرج تحت أصل معمول به كتلاوة القرآن الكريم والدعاء.
2 - ألا يُثْبِت حكمًا شرعيًا أو صفة لله تعالى, أي من الأمور التي تتعلق بالعقائد والأحكام, لا استحباب ولا غيره.
3 - ألا يكون باطلا موضوعا, فإن علم بطلانه ووضعه لا يجوز الالتفات إليه ولا الاحتجاج به في أي أمر من الأمور.
4-موضوع
تعريفه لغة :اسم مفعول من وضع الشيء أي حطَّه, وسمي بذلك لانحطاط مرتبته.
واصطلاحا :هو الخبر المختلَق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - افتراء عليه.
- مرتبته :هو شر أنواع الضعيف وأقبحها, بل جعله بعض العلماء قسما مستقلا لا يندرج تحت الأحاديث الضعيفة ولا يطلق عليه لفظ حديث إلا من جهة واضعه.
- حكم روايته :يحرم اتفاقًا رواية الخبر الموضوع منسوبا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مقرونا ببيان كونه موضوعا, وذلك لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار).وقوله - صلى الله عليه وسلم - (من حدَّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذِبين).
- علامات الوضع :وضع العلماء قواعد يكشفون بها الأحاديث الموضوعة, ومن هذه القواعد :
1 - إقرار الواضع نفسه, كإقرار ابن أبي مريم بوضع أحاديث في فضائل السور.
2 - وجود قرينة في الراوي بمنزلة الإقرار, كأن يحدث عن شيخ لم يثبت أنه لقيه أو عاصره أو توفى قبل مولد الراوي, أو لم يدخل المكان الذي ادّعى سماعه فيه, كما ادعى مأمون بن أحمد الهروي أنه سمع من هشام بن عمار فسأله ابن حبان : متى دخلت الشام؟ قال : سنة 250 هجري قال ابن حبان : فإن هشامًا الذي تروي عنه مات سنة 245 هجري.
3 - وجود قرينة في المتن تدل على وضعه, كأن يكون في المروي لحنٌ في الأسلوب أو ركاكة في اللفظ وسقوط في المعنى, رواية : لو كان الأرز رجلا لكان حليما, فهذا مما يصان منه كلام العقلاء فضلا عن كلام سيد الأنبياء.والمدار في الركة على المعنى وإن لم ينضم إليها اللفظ لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى فغير ألفاظه بغير فصيح.
4 - مخالفته للعقل والحسِّ والمشاهدة : كرواية عن الرحمن بن زيد بن أسلم أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت خلف المقام ركعتين.
5 - مخالفته لصريح القرآن الكريم والسنة الصحيحة, بحيث لا يقبل التأويل مثل : أنا خاتم النبيين لانبي بعدي إلا أن يشاء الله فإنه مخالف لقوله تعالى : (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) ومثل ما خالف صريح السنة المتواترة (أنا العاقب لانبي بعدي).
6 - مخالفته للحقائق التاريخية المعروفة في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - كرواية وضع الجزية على يهود خيبر ورفع السخرة عنهم بشهادة سعد بن معاذ وكتابة معاوية بن أبي سفيان, والثابت تاريخيًا أن الجزية لم تكن معروفة ولامشروعة في عام خيبر وإنما نزلت آية الجزية بعد عام تبوك وأن سعد بن معاذ توفي قبل ذلك في غزوة الخندق, وأن معاوية إنما أسلم زمن الفتح.
7 - أن يكون الخبر عن أمر جسيم تتوافر الدواعي على نقله وذلك بأن يقع على مشهد من جميع الصحابة ثم لا يرويه إلا واحد ويتكتمه الجميع, كما روي من أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد علي بن أبي طالب بمحضر من الصحابة كلهم عقب عودتهم من حجة الوداع ثم قال بعد أن عرفه الجميع : (هذا صبي وأخي والخليفة من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا) فهل يقبل مسلم هذا الخبر الذي يدل على تواطؤ جميع الصحابة على كتمانه حين استخلفوا أبا بكر وارتضوه أبا بكر وارتضوه خليفة لهم؟
8 - أن يتضمن وعيدا شديدا على ذنب صغير أو ثوابا عظيما على فعل صغير وذاك مشهور عند كثير من القصاص والوعاظ كقولهم : (من قال لا إله إلاالله خلق الله تعالى طائرا له سبعون ألف لسان لكل لسان سبعون ألف لغة يستغفرون له).