الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
قال الله تعالى : {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }آل عمران191
إنهم يذكرون الله في كل أحوالهم قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم .
فهل ذكرتَ الله على جنبك ؟.
قال المفسرون : أي يذكرون الله في جميع أحوالهم.
وفي تفسير القرطبي : " وعلى جنوبهم " في موضع الحال ; أي ومضطجعين ومثله قوله تعالى : " دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما " [ يونس : 12 ] على العكس - أي عكس ترتيب آية آل عمران فبدأ هنا بالجنب ثم قاعداً ثم قائماً - ; لجنبه أي دعانا مضطجعا على جنبه .
وذهب , جماعة من المفسرين منهم الحسن وغيره إلى أن قوله " يذكرون الله " إلى آخره , إنما هو عبارة عن الصلاة ; أي لا يضيعونها , ففي حال العذر يصلونها قعودا أو على جنوبهم . وهي مثل قوله تعالى : " فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم " [ النساء : 103 ]
وإذا كانت الآية في الصلاة ففقهها أن الإنسان يصلي قائما , فإن لم يستطع فقاعدا , فإن لم يستطع فعلى جنبه .
وفي تفسير الطبري:
إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب , الذاكرين الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم , يعني بذلك : قياما في صلاتهم وقعودا في تشهدهم وفي غير صلاتهم وعلى جنوبهم نياما .
كما حدثنا القاسم , قال : ثنا الحسين , قال : ثني حجاج , عن ابن جريج , قوله : { الذين يذكرون الله قياما وقعودا } . .. الآية , قال : هو ذكر الله في الصلاة وفي غير الصلاة , وقراءة القرآن .
حدثنا بشر , قال : ثنا يزيد , قال : ثنا سعيد , عن قتادة , قوله : { الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم } وهذه حالاتك كلها يا ابن آدم , فاذكره وأنت على جنبك يسرا من الله وتخفيفا .
فإن قال قائل : وكيف قيل : { وعلى جنوبهم } فعطف بـ " على " , وهي صفة على القيام والقعود وهما اسمان ؟ قيل : لأن قوله : { وعلى جنوبهم } في معنى الاسم , ومعناه : ونياما أو مضطجعين على جنوبهم ; فحسن عطف ذلك على القيام والقعود لذلك المعنى , كما قال تعالى : { وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما } فعطف بقوله : { أو قاعدا أو قائما }على قوله : { لجنبه } , لأن معنى قوله : لجنبه مضطجعا , فعطف بالقاعد والقائم على معناه , فكذلك ذلك في قوله : { وعلى جنوبهم }.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة حين طلب منه أن يدله على عملٍ يتمسك به ، قال له : (لا يزالُ لسانك رطباً من ذكر الله).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى مضجعه قال :(اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت).
روى الترمذي بسنده عن بريدة، قال: "شكا خالد بن الوليد –رضي الله عنه- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ما أنام الليل من الأرق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أويتَ إلى فراشك فقل: اللهم رب السموات وما أظلَّت، ورب الأراضين وما أقلَّت، ورب الشياطين وما أضلَّت. كن لي جاراً من شر خلقك كلهم جميعاً، أن يفرُطَ عليّ أحدٌ منهم، وأن يبغي عليَّ، عزَّ جارُك، وجلَّ ثناؤك، ولا إله غيرُك، ولا إله إلا أنت".
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.